الإخوان المسلمون في مصر يؤسسون ( التحالف الديمقراطي من أجل مصر ! )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد جاء في جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 17-11-2011 تعريفاً ب ( التجمع الديمقراطي من أجل مصر) وبرنامجه الانتخابي مما جاء في ذلك المقال ( تنشر "بوابة الأهرام"البرنامج الانتخابي، للتحالف الديمقراطي من أجل مصر، والذي يضم عددا من الاحزاب السياسية على رأسها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمون، وأحزاب الكرامة، الغد، والإصلاح والنهضة)
أقول : وفي هذا الانتساب من الإخوان المسلمين للديمقراطية عدة أمور
الأول : إبطال قول من يقول أنهم دخلوا العملية الديمقراطية ( اضطراراً ) ، فإنهم لو اضطروا إلى دخولها ، فإنهم لم يضطرهم أحد إلى الانتساب إليها
الثاني : بيان الالتقاء بين الإخوان والعلمانيين ، فإن العلمانيين هم أيضاً ينعقون بالديمقراطية الليل مع النهار ، وهذا يبطل دعوى من زعم دخول الإخوان للبرلمان من أجل ألا يخلو المجال للعلمانيين ، فإنهم يلتقون معهم في نقطة من أعظم نقاط انحرافهم وهي الدعوة إلى الديمقراطية
والديمقراطية والإسلام ضدان لا يجتمعان ، فإما أن تكون داعيةً للديمقراطية ، وإما أن تكون داعية للكتاب والسنة
ولن أنقل هنا كلام علماء أهل السنة في ذم الديمقراطية لأنه معروفٌ مشهور والحمد لله ، بل سأنقل كلام أساطين الإخوان المسلمين فيها
قال سيد قطب في مقدمة معالم في الطريق :"
تقف البشرية اليوم على حافة الهاوية .. لا بسبب التهديد بالفناء المعلق على رأسها .. فهذا عَرَضٌ للمرض وليس هو المرض .. ولكن بسبب إفلاسها في عالم " القيم " التي يمكن أن تنمو الحياة الإنسانية في ظلالها نموًا سليمًا وتترقى ترقياً صحيحًا . وهذا واضح كل الوضوح في العالم الغربي ، الذي لم يعد لديه ما يعطيه للبشرية من " القيم " ، بل الذي لم يعد لديه ما يُقنع ضميره باستحقاقه للوجود ، بعدما انتهت " الديمقراطية " فيه إلى ما يشبه الإفلاس ، حيث بدأت تستعير- ببطء - وتقتبس من أنظمة المعسكر الشرقي وبخاصة في الأنظمة الاقتصادية ! تحت إسم الاشتراكية !"
وفي قال في تفسير سورة الأنعام من ظلاله :"
وأذل من هذه المحاولة محاولة من يضعون على الإسلام أقنعة أخرى , ويصفونه بصفات من التي تروج عند الناس في فترة من الفترات . . كالاشتراكية . . والديمقراطية . . وما إليها . . ظانين أنهم إنما يخدمون الإسلام بهذه التقدمة الذليلة ! . . إن "الاشتراكية " مذهب اجتماعي اقتصادي من صنع البشر ; قابل للصواب والخطأ . وإن "الديمقراطية " نظام للحياة أو للحكم من صنع البشر كذلك , يحمل صنع البشر من القابلية للصواب والخطأ أيضا . . والإسلام منهج حياة يشمل التصور الاعتقادي "
أقول : وهذا الكلام مع ما فيه من الهزال ، فإنه يحمل في طياته النقد للديمقراطية ، وإلا فإن الاشتراكية باطلة لا تحتمل صواباً ، والديمقراطية باطلة لا تحتمل صواباً لمخالفتها للشريعة الاسلامية
وقال الإخواني اللبناني فتحي يكن في كتابه كتابة مشكلات الدعوة والداعية ص170: "إن الشورى غير الديمقراطية تماماً وهى تخالفها من وجوه عدة، فالديمقراطية كلمة يونانية تعني حاكمية الشعب وسيادته في الدولة الديمقراطية، وهي تجعل الشعب مصدر السلطات فهو الذي يشرع القوانين ويسن الدساتير، أما في الشورى في الإسلام فإنها لا تعدو أن تكون استطلاع رأي فرد أو فريق من الناس في تفسير حكم شرعي أو فهمه أو اجتهاد في أمر من الأمور في ضوء التشريع الإسلامي وفي حدود أصوله وقواعده"
وقال عبد القادر عودة في كتابه الإسلام وأوضاعنا السياسية ص:294 :" ولقد بلغ الجهل ببعض المسلمين أن يقرن الإسلام بهذه المذاهب القائمة على الهوى والضلال فيقول ديمقراطية الإسلام واشتراكية الإسلام وشيوعية الإسلام وهو يقوله ليروج للإسلام ويرفع منه في أعين الناس، وهو دون شك يظلم الإسلام بهذه التسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان إذ الإسلام أرفع وأفضل من الديمقراطية والاشتراكية والشيوعية متفرقة ومجتمعة وهو أوسع منها جميعاً وأجمع للخير وإنه ليجمع كل ما في هذه المذاهب من خير قليل إلى ما فيه من خير كثير لا يُحصى ولا يُستقصى كما أنه يخلو من الأهواء والأباطيل والشرور التي تعج بها هذه المذاهب وتقوم عليها"
وأختم بكلمة للعلامة السلفي أحمد محمد شاكر إذ لم أحب أخلي المقام من ذكر العلماء الراسخين حيث قال عمدة التفسير (5/89) عند حديثه عن قول الله عز وجل: {أفغير الله أبتغي حكما...} إلى قوله: {وهو أعلم بالمهتدين} : "هذه الآيات وما في معناها تدمغ بالبطلان نوع الحكم الذي يخدعون به الناس ويسمونه الديمقراطية إذ هي حكم الأكثرية الموسومة بالضلال هي حكم الدهماء والغوغاء"
وقال أيضاً في (1/ 383) من عمدة التفسير ط دار الوفاء :" وهذه الآية ( وشاورهم في الأمر ) ، والآية الأخرى ( وأمرهم شورى بينهم ) ، اتخذها اللاعبون بالدين في هذا العصر من العلماء وغيرهم عدتهم في التضليل بالتأويل ليواطئوا ، صنع الإفرنج في النظام الدستوري الذي يزعمونه ويخدعون الناس بتسميته ( النظام الديمقراطي ) ، فاصطنع هؤلاء اللاعبون شعاراً من هاتين الآيتين يخدعون به الشعوب الإسلامية أو المنتسبة للإسلام ، يقولون كلمة حق يراد بها الباطل ، يقولون : الإسلام يأمر بالشورى ، ونحو ذلك من الألفاظ ، وحقاً إن الإسلام يأمر بالشورى ، ولكن أي شورى يأمر بها الإسلام ؟
إن الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ومعنى الآية واضحٌ صريح لا يحتاج إلى تفسير ، ولا يحتمل التأويل ، فهو أمرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم لمن يكون ولي الأمر من بعده ، أن يستعرض آراء أصحابه الذين يراهم موضع الرأي ، الذين هم أولو الأحلام والنهى في المسائل التي تكون موضع تبادل الآراء وموضع الاجتهاد في التطبيق ، ثم يختار من بينها ما يراه حقاً أو صواباً أو مصلحة فيعزم على إنفاذه غير متقيد برأي فريق معين ولا برأي عدد محدود ، لا برأي أكثرية ولا برأي أقلية ، فإذا عزم توكل على الله وأنفذ العزم على ما ارتآه
ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج إلى دليل أن الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاروتهم _ ويأتسي به من يلي الأمر من بعده _ هم الرجال الصالحون القائمون على حدود الله المتقون المقيمون الصلاة ، المؤدون الزكاة المجاهدون في سبيل الله الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) ، ليسوا هم الملحدين ولا المحاربين لدين الله ولا الفجار الذين لا يتورعون عن منكر ولا الذين يزعمون أن لهم أن يضعوا شرائع وقوانين تخالف دين الله وتهدم شريعة الإسلام وأولئك _ من بين كافر وفاسق _ موضعهم الصحيح تحت السيف أو السوط لا موضع الاستشارة وتبادل الآراء "
أقول : هذا كلامٌ نفيس جداً في نقض الديمقراطية ، والفرق بينها وبين الشورى الإسلامية من هذا الإمام المحدث السلفي
والآن إليك فقرةً من البرنامج الانتخابي للتحالف الديمقراطي من أجل مصر الذي أسسه الإخوان المسلمون تبين مدى انحراف القوم عن الإسلام الصحيح
جاء في برنامجهم قولهم :" 2- حرية العقيدة والعبادة ودعم الوحدة الوطنية، وتأكيد مبدأ المساواة بين جميع المواطنين على اختلاف أديانهم.
3- القيم والمبادئ الأخلاقية أساس بناء الإنسان.
4- المواطنة أساس المجتمع، والالتزام بعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس وتجريم التمييز بينهم"
أقول : قال الله عز وجل ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون ) ، وقل بربك يا من تزعم أن هؤلاء إنما دخلوا الانتخابات من أجل ألا يتركوا المجال للعلمانيين ، ما الفرق بين كلام هؤلاء ، وكلام العلمانيين ؟
هل تجد علمانياً في الدنيا يعترض على هذا الكلام ؟!
ولا يفوتني أيضاً التعليق سليمان عبدالقادر بطوس زعيم الإخوان المسلمين في ليبيا لـجريدة الأهرام بتاريخ 9/9/ 2011 حيث قال :
الدولة في الإسلام مدنية لا دينية.
وقد قال نحواً من هذه الكلمة في اجتماع الإخوان المسلمين في مدينة بنغازي
والتعليق على هذا الكلام الخطير أن يقال : أن إقامة الدولة في الإسلام إنما هي وسيلة لإقامة التوحيد والسنة
قال الله عز وجل :" وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"
أقول : فجعل الله عز وجل سبب تمكينه لعباده المؤمنين إقامتهم للصلاة ، وإيتائهم للزكاة ، وأمرهم بالمعروف ورأسه التوحيد والسنة ، ونهيهم عن المنكر ورأسه الشرك والبدعة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم